الثلاثاء، 22 ديسمبر 2009

المؤمن بين الشكر في الرخاء والصبر عند البلاء


بسم الله الرحمن الرحيم
المؤمن بين الشكر في الرخاء والصبر عند البلاء

إن الدنيا دار إبتلاء وإمتحان ومصائب وكوارث, فتارة يكون الإنساء في رخاء ونعمة وصحة وعافية وتارة أخرى يصيبه البلاء والبأس والضراء,فليس هناك انسان على هذه الأرض إلا ويمسه الضر يوماً ما, وتنزل به نازلة ما,وتقع عليه حادثة يشعر فيها بالخطر وتضيق عليه الدنيا بما رحبت, وتشتد عليه الأمور, فتضِّيق عليه الخناق من كل جانب, ويظن أنه ليس بناج من الخطر والبأس, ولن تفرج شدته وتزول كربته ويفك ضيقه,وهذه هي اللحظة الحاسمة التي يعرف فيها العبد ربه عزوجل حق المعرفة, ويشعر فيها بوجود خالقه سبحانه وتعالى في هذا الكون وأنه قريب منه ومطلع عليه,وفي هذه اللحظة الحاسمة يعرف الإنسان أنه عبد ضعيف ذليل لا حول له ولا قوة , وأن مولاه خالق الكون ومدبره, بيده الأمر وهو على كل شئ قدير, وفي هذه اللحظة الحاسمة يعلن فيها العبد الضعيف, حاجته إلى مولاه لينقذه مما هو فيه,واضطراره إلى رحمة ربه لتنجيه من ضيقه, وتفرج كربته وشدته, فيلهج لسانه بالدعاء والتضرع لمولاه عزوجل, بذله وندامة وحسرة وخضوع وإنكسار, أن يرفع عنه البلاء ويفرج كربته ويفك ضيقه وشدته وينجيه مما هو فيه, قال تعالى(وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعداً أو قائماً)سورة يونس الآية(10) وقال تعالى(أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء)سورة النمل (62), فيستجيب المولى عزوجل لدعاء عبده المضطر ويفرج كربته ويفك شدته, لأن الغاية التي يريدها المولى عزوجل من انزال البأس والضر على عباده,هي أن يدع العبد ربه بتضرع وخضوع ليرفع عنه الضروالبلاء ويفرج شدته يفك كربته, ولو لم يدعوه لأصابه العذاب وحلت به الكارثة, قال تعالى(فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون)سورة الأنعام الآية(43).
فهذه هي حال الدنيا,دار ابتلاء وأختبار, وشدة ورخاء, ونعمة وكربة, وسعة وضيق, ومرض وصحة, وفقر وغناء, وهموم وسعادة, وضيق وسرور,وحزن وفرح, كل يوم هي في شأن,لاتدوم على حال ولا يستقر لها مقام, فلولا نزول البلاء والشدة والباساء والضراء, ما كان للراحة والرخاء طعم ولا رائحة ...
فكل إنسان في هذه الدنيا مبتلى وممتحن,والمسلم الفطن هو من يجعل من مصائب ومحن غيره عبرة وموعظة له, ويجعل من مصائبه ومحنه بصبره عليها وإحتساب الأجر والثواب من الله عزوجل,طريقاً له إلى الجنة ونجاة من النار, ويجعل من تفريج المولى عزوجل لشدته وفك كربته ورفع البلاء عنه, طريقاً لنيل مرضات مولاه, وذلك بشكره لربه في سره وعلنه, وتقوية إيمانه به, ومحفزاً له على أداء الفرائض والسنن والنوافل والأعمال الصالحة, وسببا للإخلاص في العبادة, والصدق في التوبة وترك المعاصي والذنوب والسيئات, فعن صهيب الرومي رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(عجباً لأمر المؤمن كله خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمنين, إن أصابته سراء شكر فكان خير له, وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له) رواه مسلم ....
لكن الكارثة الحقيقية هي أن يقابل العبد الذليل, نعمة ربه عليه, وأكرامه له, وتفريج كربته, وفك ضيقه وشدته, بالكفر والجحود لمولاه عزوجل, وإنكاره للنعم الظاهرة والباطنة التي يمن الله بها عليه, فبعد أن يستجيب المولى عزوجل لدعاء عبده المضطر, وينجيه من الكرب والبلاء, ويفرج همه ويفك ضيقه وشدته, ويرزقه المال الوفير والأولاد, وينعم عليه بالصحة والعافية والرخاء والأمن, إذا به ينسى فضل وإحسان مولاه عليه وينسى ما أنعم الله عليه من نعم عظيمة في الشدة والرخاء,ويبارزه بالمعاصي والذنوب والآثام,قال تعالى (وإذا مس الإنسان ضردعا ربه منيباً إليه ثم إذا خوله نعمة منه نسى ما كان يدعو إليه من قبل وجعل لله أنداداً ليضل عن سبيله قل تمتع بكفرك قليلاً إنك من أصحاب النار) سورة الزمر (8) وقال تعالى(وإذا مس الناس ضر دعوا ربهم منيبين إليه ثم إذا ذاقهم منه رحمة إذا فريق منهم بربهم يشركون)سورة الروم(33) وقال تعالى(فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون)سورة يونس(10)...
وليس هذا فحسب بل أن ذلك العبد الضعيف يزعم أن النعم التي أنعم الله عليه بها, أنما هي بعلمه وقوته وذكائه, يقول الله تعالى(فإذا مس الإنسان ضر دعانا ثم إذا خولناه نعمة منا قال إنما أوتيته على علم بل هي فتنة ولكن أكثرهم لا يعلمون)سورة الزمر الآية(39).....
وقد أحسن الدكتور عايض القرني حفظه الله حينما صور ذلك بأبيات شعرية جميلة قال فيها:
كم نطلب الله في ضر يحل بنا
فإن تولت بلايانا نسيناه
ندعوه في البحر أن ينجي سفينتنا
فإن رجعنا إلى الشاطئ عصيناه
ونركب الجو في أمن وفي دعةٍ
وما سقطنا لأن الحافظ الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق