الثلاثاء، 22 ديسمبر 2009

وصف الإمام العادل

بسم الله الرحمن الرحيم

وصف الإمام العادل
جاء في كتاب جواهر الأدب للمرحوم السيد أحمد الهاشمي:
كتب عمر بن عبدالعزيز رضى الله عنه لما ولى الخلافة إلى الحسن ابن أبى الحسن البصري أن يكتب إليه بصفة الإمام العادل فكتب إليه الحسنُ:
اعلم يا أمير المؤمنين أن الله جعل الإمام العادل قوام كل مائل, وقصد كل جائر وصلاح كل فاسد وقوَّة كل ضعيف ونصفة كل مظلوم ومفزع كل ملهوف.
والإمام العادل يا أمير المؤمنين كالراعي الشفيق على إبله الرفيق الذي يرتاد لها أطيب المراعي ويذودها عن مراتع الهلكة ويحميها من السباع ويكنقها من أذى الحر والقر .
والإمام العادل يا أمير المؤمنين كالأب الحاني على ولده, يسعى لهم صغاراً, ويعلمهم كباراً,يكتسب لهم في حياته ويدخر لهم بعد مماته.
والإمام العادل يا أمير المؤمنين كالأم الشفيقة البرَّة الرَّفيقة بولدها,حملته كرهاً, ووضعته كرهاً, وربته طفلاً,تسهر بسهره, وتسكن بسكونه, ترضعه تارة وتفطمه أخرى, وتفرح بعافيته, وتغتَمُّ بشكايته.
والإمام العادل يا أمير المؤمنين, وصي اليتامى, وخازن المساكين,يربي صغيرهم, ويُمَون كبيرهم.
والإمام العادل يا أمير المؤمنين, كالقلب الجوانح,تصلح الجوانح بصلاحه,وتفسد بفساده.
والإمام العادل يا أمير المؤمنين,هو القائم بين الله وبين عباده,يسمع كلام الله ويسمعهم,وينظر إلى الله ويريهم,وينقاد إلى الله ويقودهم- فلا تكن يا أمير المؤمنين فيما مَّلكك الله كعبد ائتَمَنَهُ سيِّده, واستحفظه ماله وعياله,فبدد المال وشرَّد العيال,فافقر أهله وفَرَّق ماله.
اعلم يا أمير المؤمنين أن الله أنزل الحدود ليزجر بها الخبائث والفواحش, فكيف إذا أتاها من يليها؟ وأنَّ الله أنزل القصاص حياةً لعباده, فكيف إذا قتلهم من يقتص منهم؟ واذكر يا أمير المؤمنين الموت وما بعده وقلت أشياعك عنده وأنصارك عليه فتزود له ولما بعده من الفزع.
واعلم يا أمير المؤمنين, أن لك منزلاً غير منزلك الذي أنت فيه, يطول فيه ثواؤك, وتفارقك أحبَّاؤك,يسلمونك في قعره فريداً وحيداً, فتزود له ما يصحبك, يوم يفرُّ المرء من أخيه وأمِّه وأبيه,وصاحبته وبنية- واذكر يا أمير المؤمنين إذا بعثر ما في القبور وحُصِّل ما في الصدور,فالأسرار الصغيرة ظاهرة, والكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها,فالآن يا أمير المؤمنين, وأنت في مهل قبل حلول الأجل, وانقطاع الأمل- لا تحكم يا أمير المؤمنين في عباد الله بحكم الجاهلين ولا تسلك بهم سبيل الظالمين, ولا تسلط المستكبرين على المستظعفين,فإنهم لا يرقبون في مؤمن إلاّ ولا ذمّة, فتبوءَ بأوزارك وأوزار مع أوزارك, وتحمل أثقالك وأثقالاً مع أثقالك, ولا يغرنك الذين يتنعمون بما فيه يؤسك, ويأكلون الطيبات في دنياهم بإذهاب طيِّباتك في آخرتك, ولا تنظر إلى قدرتك اليوم, ولكن انظر إلى قدرتك غداً, وأنت مأسورٌ في حبائل الموت,وموقوف بين يدي الله في مجمع من الملائكة والنبيين والمرسلين, وقد عنت الوجوه للحي القيوم.
إني يا أمير المؤمنين, وإن لم أبلغ بعظتي ما بلغهُ أولوا النُّهى من قبلي فلم آلُكَ شفقةً ونُصحاً, فأنزل كتابي إليك كمداوي حبيبه,يسقيه الأدوية الكريهة لما يرجو له في ذلك من العافية والصحة.

هناك تعليقان (2):

  1. وأين نجده الآن ؟ حسبنا الله ونعم والوكيل وكفى

    ردحذف
  2. أين نجده الآن - حسبنا الله ونعم الوكيل

    ردحذف